
ذكاء القيادة التركية في احتواء ملف حزب العمال الكردستاني (PKK) يُعد من أبرز الأمثلة على التوازن بين العمل العسكري، والسياسي، والاستخباري، والدبلوماسي. ويمكن تلخيص هذا الذكاء في عدة محاور:
1. الضربات الاستباقية والسيطرة الأمنية
تركيا اعتمدت على استراتيجية الضربات الاستباقية داخل تركيا وخارجها، خصوصًا في شمال العراق وسوريا، معتمدة على قوة استخبارية دقيقة وتنسيق عالي المستوى بين الجيش ووكالة الاستخبارات الوطنية (MIT). هذا أضعف البنية التحتية للتنظيم وشتت قياداته.
2. تحييد البيئة الحاضنة
بذكاء سياسي، استطاعت تركيا أن تسحب البساط من تحت أقدام الحزب داخل المناطق الكردية عبر مشاريع تنموية، وخطاب وطني يشجع على الاندماج بدلًا من المواجهة. كما استغلت أخطاء الحزب نفسه بحق المدنيين لتقويض تعاطف الشارع الكردي معه.
3. اللعب على التناقضات الدولية
استخدمت تركيا أدواتها الدبلوماسية للضغط على حلفائها في الناتو، والولايات المتحدة وأوروبا، لإضعاف الدعم الدولي غير المباشر لـ PKK أو واجهاته كـ YPG. كما أقامت تفاهمات أمنية مع العراق وإيران وسوريا (رغم الخلافات) لضمان عدم تحول أراضيهم إلى قواعد خلفية للحزب.
4. تقسيم التنظيم وتشتيت صفوفه
عملت المخابرات التركية على اختراق التنظيم، وزرع الانقسامات داخله، وتصفية رموزه الأيديولوجية أو القتالية. وهذا أدى لتآكل قوة الحزب من الداخل، خصوصًا مع تركيز تركيا على استهداف قياداته النوعية بدقة.
5. خلق بدائل مشروعة
أعطت أنقرة بعض القنوات السياسية للكرد في تركيا (مثل حزب الشعوب الديمقراطي) مجالًا محدودًا للمشاركة، كي تضعف مبررات حمل السلاح، دون السماح لأي امتداد لـ PKK باستخدامها كغطاء.
النتيجة أن تركيا، رغم استمرار خطر الحزب، استطاعت أن تحاصر نشاطه وتمنعه من التأثير الاستراتيجي على الأمن القومي التركي، عبر مزيج ذكي من الردع، والاحتواء، والتفكيك التدريجي.
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.