تقرير حقوقي بشأن استهداف المعارضين السياسيين في العراق تحت غطاء “مكافحة الإرهاب”
الاستاذ عادل الخزاعي مدير المرصد ألعراقي للحقوق والحريات
يشهد العراق منذ سنوات تصاعداً خطيراً في وتيرة استهداف المعارضين السياسيين والناشطين المدنيين، خصوصاً من أبناء المناطق ذات الغالبية السنية أو من المشاركين في الحراك الاحتجاجي المعروف باسم “ثورة تشرين”. وتستند هذه الانتهاكات إلى استغلال قانون مكافحة الإرهاب (رقم 13 لسنة 2005)، الذي أصبح أداة قمع سياسي بيد السلطة التنفيذية والأجهزة الأمنية والميليشيات المرتبطة بها.
أولاً: استخدام قانون مكافحة الإرهاب كأداة قمع سياسي
يتسم القانون العراقي لمكافحة الإرهاب بعباراته الفضفاضة وغير المنضبطة قانونياً، ما يجعله قابلاً للتأويل والتوظيف السياسي. وقد وثقت منظمات حقوق الإنسان، المحلية والدولية، حالات عديدة لمعارضين سياسيين وناشطين تم اتهامهم بالإرهاب دون تقديم أدلة قضائية موثوقة، في محاكمات تفتقر لأبسط ضمانات العدالة.
ثانياً: استهداف الشخصيات السياسية السنية
منذ عام 2014 وحتى اليوم، تم ملاحقة أكثر من 35 شخصية سياسية سنية بتهم الإرهاب أو الفساد، في حملات تفتقر إلى الحيادية والشفافية، من أبرزهم:
رافع العيساوي (نائب رئيس الوزراء الأسبق): صدرت بحقه مذكرات قبض بتهم إرهاب مفبركة، رغم كونه طبيباً وسياسياً مدنياً. أحمد العلواني: نائب سابق، تعرض للاعتقال وإصدار حكم بالإعدام، لاحقاً خفف الحكم تحت ضغوط دولية. عشرات المسؤولين المحليين في الأنبار وصلاح الدين ونينوى، تم اعتقالهم أو إقصاؤهم من مناصبهم دون محاكمة عادلة.
ثالثاً: استهداف ناشطي “ثورة تشرين”
تعرض الحراك الشعبي السلمي، الذي انطلق في أكتوبر 2019، لحملة قمع دموية ممنهجة، راح ضحيتها ما لا يقل عن 1000 شهيد وآلاف الجرحى، إلى جانب:
اختطاف وتصفية الناشطين من قبل جهات مسلحة معروفة الهوية، لكن دون محاسبة قضائية. اتهام ناشطين بالإرهاب، مثل: سجاد العراقي (الناصرية): خُطف من جهة أمنية ولم يُكشف عن مصيره. علي جاسب الهليجي (العمارة): خُطف وأُخفي قسرياً. حسن مونس وناشطون آخرون وُجهت لهم تهم “التحريض على الدولة” و”الإرهاب”.
رابعاً: ازدواجية المعايير القضائية
في الوقت الذي يُلاحق فيه المعارضون بتهم الإرهاب، لا يتم فتح أي تحقيق جدي بحق الميليشيات المسلحة المتورطة في عمليات الاغتيال، التهريب، تهديد القضاة، والسيطرة على موارد الدولة، بل تُمنح لها الشرعية السياسية والعسكرية، مما يرسخ مفهوم “الإفلات من العقاب”.
خامساً: توصيات ومطالب
نطالب المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية بما يلي:
فتح تحقيق دولي محايد بشأن انتهاكات حقوق الإنسان في العراق، وخاصة استهداف المعارضين السياسيين والناشطين. إرسال بعثات تقصي حقائق إلى العراق لتوثيق عمليات الخطف، التعذيب، والمحاكمات السياسية. ربط المساعدات الدولية للحكومة العراقية بمدى التزامها بحقوق الإنسان واستقلال القضاء. دعم مشروع حكومة إنقاذ وطني تمثل العراقيين جميعاً، وتكسر هيمنة الميليشيات وتدخلات إيران.

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.